(قوله: لَمَّا حَضَرَت أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ) أبو طالب هذا: هو ابنُ عبد المطَّلبِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ مَنَافِ بنِ قُصَيٍّ، وهو عمُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ووالدُ عليّ بن أبي طالبِ، واسمُهُ: عبد مناف، وقيل: اسمه كنيته، والأوَّل أصحّ، واسمُ عبد المطَّلب: شَيبَةُ، وكان يُقالُ له: شيبةُ الحمد، واسمُ هاشمٍ: عمرو، وهاشمٌ لَقَبٌ له؛ لأنَّه أوّلُ من هَشَمَ الثريدَ لقومه. واسمُ عبد منافٍ: المغيرة، واسمُ قُصَيٍّ: زيدٌ، وقيل له: مجمِّعٌ؛ لأنَّه جَمَّعَ إليه قومَهُ.
وكان والدُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو عبدُ الله قد توفِّيَ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَملٌ في بطنِ أمِّه على الأصحِّ، فوُلِدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ونشَأَ في كَفَالَةِ جَدِّهِ عبد المُطَّلِبِ إلى أن تُوُفِّي، فكفله عمُّه أبو طالب، ولم يَزَل يحبُّه حُبًّا شديدًا، ويحوطُهُ ويحفظه إلى أن بعَثَ اللهُ محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بالنبوَّة، فنصره أبو طالب وأعانه وأجارَهُ ممَّن يريدُ به سوءًا، وقامَ دونه، وعادى في حَقَّهِ قريشًا وجميعَ العرب، إلى أن ناصبوه القتالَ وجاهروه بالعداوة والأذى؛ وطلبوا أن يُسَلِّمَهُ لهم، فلم يفعَل. ثُمَّ إنَّ قريشًا وجميعَ أهلِ مَكَّةَ تعاقدوا فيما بينهم، وتحالفوا على هَجرِهِ وجميعِ بني هاشمٍ ومقاطعتهم، وعلى ألَاّ يقاربوهم، ولا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يَصِلُوهُم بشيء من وجوه الرفق كلِّها، حتَّى يُسَلِّموا إليهم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكتبوا بذلك صحيفةً وعلَّقوها في الكعبة، فانحاز أبو طالب وبنو هاشم في شِعبهم، وأقاموا على ذلك نحو ثَلَاثِ سنين في جَهدٍ جهيد، وحالٍ شديد، إلى أن نقَضَ اللهُ أمرَ الصحيفة، وأظهر أمرَ نبيِّه على ما هو مذكورٌ في كتب