قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: (قال الله تبارك وتعالى: يؤذيني ابن آدم) الحديث؛ جاء هذا الحديث في هذه الرواية موقوفًا على أبي هريرة لم يذكر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، غير أنه مِمَّا يعلم: أنه من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعًا؛ لأنَّ مضمونه حكاية عن الله تعالى، ولا يعرفها أبو هريرة إلا من جهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد روي معناه مسندًا مرفوعًا من طريق آخر، غير أن مساق هذا الحديث أكمل، فلذلك اخترناه.
وقوله تعالى:(يؤذيني ابن آدم) أي: يخاطبني من القول بما يتأذى به من يصحُّ في حقه التأذي، لا أن الله تعالى يتأذى؛ لأنَّ التأذي ضرر وألم، والله تعالى منزه عن ذلك، وهذا يجري مجرى ما جاء من محاربة الله ومخادعته. وهذه كلها توسعات يفهم منها: أن من يعامل الله تعالى بتلك المعاملات تعرَّض لعقاب (١) الله تعالى، ولمؤاخذته الشديدة. فليحذر ذلك.
ويراد بابن آدم هنا: أهل الجاهلية، ومن جرى مجراهم؛ ممن يُطلِقُ هذا اللفظ، ولا يتحرز منه، فإنَّ الغالب من أحوال بني آدم إطلاق نسبة الأفعال إلى الدَّهر، فيذمُّونه، ويُسفِّهونه إذا لم تحصل لهم أغراضهم، ويمدحونه إذا حصلت لهم. وأكثر ما يُوجد ذلك في كلام الشعراء والفصحاء. ولا شكَّ في كفر من نسبَ