(٤٠) ومن باب: من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم (١)
(قوله: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار. . .) الولد: يقال على الذكر والأنثى بخلاف الابن، فإنَّه يقال على الذكر: ابن، وعلى الأنثى: ابنة، وقد تقيد مطلق هذه الرواية، بقوله في الرواية الأخرى: لم يبلغوا الحنث كما تقيد مطلق حديث أبي هريرة بحديث أبي النضر السلمي؛ فإنَّه قال فيه: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم. فقوله: لم يبلغوا الحنث أي: التكليف. والحنث: الإثم. وإنما خصه بهذا الحد، لأنَّ الصغير حبه أشد، والشفقة عليه أعظم، وقيده بالاحتساب لما قررناه غير مرة: أن الأجور على المصائب لا تحصل إلا بالصبر والاحتساب، وإنما خص الولد بثلاثة، لأنَّ الثلاثة أول مراتب الكثرة، فتعظم المصائب، فتكثر الأجور؛ فأمَّا إذا زاد على الثلاثة فقد يخف أمر المصيبة الزائدة لأنها كأنها صارت عادة وديدنا، كما قال المتنبي:
أنكرت طارقة الحوادث مرة ... ثمَّ اعترفت بها فصارت ديدنا
وقال آخر:
روعت بالبين حتى ما أراع له ... وبالمصائب في أهلي وجيراني
ويحتمل أن يقال: إنما لم يذكر ما بعد الثلاثة، لأنَّه من باب الأحرى والأولى؛ إذ من المعلوم أن من كثرت مصائبه كثر ثوابه، فاكتفي بذلك عن ذكره،
(١) هذا العنوان ليس في نسخ المفهم، واستدركناه من التلخيص.