(٦٨) ومن باب: أن أمّة محمّد - صلى الله عليه وسلم - شطر أهل الجنّة
(قوله تعالى لآدم: أخرج بعث النار) إنّما خصّ آدم بذلك القول؛ لأنه أب للجميع، ولأنّ الله تعالى قد جمع له نسم بنيه في السماء بين يديه، وهم الأسودة التي رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء عن يمين آدم، وهم أهل الجنّة، وعن يساره وهم أهل النار، كما تقدّم.
وبعث النار من يبعث إليها، وكذلك بعث أهل الجنة. ومعنى أخرج هنا ممن يخرج، ويميز بعضهم عن بعض، وذلك يكون في المحشر حيث يجتمع الناس ويختلطون، والله تعالى أعلم. ويحتمل أن يكون معنى أخرج؛ أي: احضر إخراجهم، فكأنهم يعرضون عليه بأشخاصهم وأسمائهم، كما قد عرضت عليه نسمهم.
و(قوله: وما بعث النار؟ ) وضعت هنا ما موضع كم العددية؛ لأنه أجيب عنها بعدد، وأصل ما أن يسأل بها عن ذوات الأشياء وحدودها. ولَمَّا سمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ألفًا إلا واحدًا للنار، وواحدًا للجنة، اشتد خوفهم لذلك، واستقلوا عدد أهل الجنة منهم، واستبعد كل واحد منهم أن يكون هو ذلك الواحد، فسكّن النبي - صلى الله عليه وسلم - خوفهم، وطيَّب قلوبهم، فقال: أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفًا ومنكم رجل؛ ويعني بالألف هنا: التسعمائة والتسعة والتسعين