للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٧) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه]

[١٩٢٣] عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَومٍ أَو لَيلَةٍ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكرٍ، وَعُمَرَ، فَقَالَ: مَا أَخرَجَكُمَا مِن بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَا: الجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَأَنَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَأَخرَجَنِي الَّذِي أَخرَجَكُمَا، قُومُوا. فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِن الأَنصَارِ

ــ

(٧) ومن باب: من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد لنفسه

(قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر: ما أخرجكما من بيوتكما؟ ) قالا: الجوع. قال: (وأنا أخرجني الذي أخرجكما) هذا يدلّ على شدَّة حالهم في أوَّل أمرهم. وسبب ذلك: أن أهل المدينة كانوا في شظف من العيش عندما قدم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مع المهاجرين، وكان المهاجرون فرُّوا بأنفسهم، وتركوا أموالهم، وديارهم، فقَدِموا فقراء على أهل شدَّة، وحاجة، مع أن الأنصار - رضي الله عنهم - واسوهم فيما كان عندهم (١)، وشركوهم فيما كان لهم، ومنحوهم، وهادوهم، غير أن ذلك ما كان يسدُّ خلَاّتهم، ولا يرفع فاقاتهم، مع إيثارهم الضراء على السراء، والفقر على الغنى. ولم يزل ذلك دأبهم إلى أن فتح الله عليهم وادي القرى، وخيبر، وغير ذلك؛ فردُّوا لهم منائحهم، واستغنوا بما فتح الله عليهم. ومع ذلك فلم يزل عيشهم شديدًا، وجهدهم جهيدًا حتَّى لقوا الله تعالى مؤثرين بما عندهم، صابرين على شدَّة عيشهم، معرضين عن الدنيا وزهرتها ولذاتها. مقبلين على الآخرة، ونعيمها، وكراماتها، فحماهم الله ما رغبوا عنه، وأوصلهم إلى ما رغبوا فيه. حشرنا الله في زمرتهم، واستعملنا بسنَّتهم.

و(قوله: قوموا) أمرٌ بالقيام لطلب العيش عند الحاجة. وهو دليل ما


(١) ما بين حاصرتين من (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>