فهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من رؤية عبد الله للنار أنه ممدوح؛ لأنَّه عرض على النار ثم عوفي منها وقيل له: لا روع عليك - وهذا إنما هو لصلاحه وما هو عليه من الخير، غير أنه لم يكن يقوم من الليل، إذ لو كان ذلك ما عرض على النار ولا رآها، ثم إنه حصل لعبد الله - رضي الله عنه - من تلك الرؤية يقين مشاهدة النار والاحتراز منها، والتنبيه على أن قيام الليل مِمَّا يُتَّقى به النار، ولذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك رضي الله عنه.
(٦١) ومن باب: فضائل أنس بن مالك بن النضر رضي الله عنه
ابن ضمضم بن زيد النَّجاري، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُكنى أبا حمزة، يروى عنه أنه قال: كنَّاني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببقلة كنت أجتنيها (١). وأمه: أم سليم بنت ملحان. كان سِنُّ أنس لما قدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة عشر سنين، وقيل: ثماني سنين، وتوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنس ابن عشرين سنة، وشهد بدرًا، وتوفي في قصره بالطفِّ على فرسخين من البصرة سنة إحدى وتسعين، وقيل: ثلاث وتسعين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين. قال أبو عمر: وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أعلم أحدًا فمن مات بعده ممن رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أبا الطفيل.
واختلف في سن أنس يوم توفي؛ فقيل: مائة سنة إلا سنة واحدة، وقيل: إنه ولد له ثمانون ولدًا منهم ثمانية وسبعون ذكرًا وابنتان، وتوفي قبله من ولده لصلبه وولد ولده نحو المائة، وكلُّ ذلك من تعميره وكثرة نسله ببركة دعوة