ذكرها، فأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهدمها كلها وتحريقها فكان ذلك، ومحا الله الباطل، وأحق الحق بكلماته.
(٦٠) ومن باب: فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
ابن عبد المطلب بن هاشم، يُكنى أبا العباس، ولد بالشعب وبنو هاشم محصورون فيه قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين. واختلف في سِنِّه يوم (١) موت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقيل: عشر سنين، وقيل: خمس عشرة - رواه سعيد بن جبير عنه، وقيل: كان ابن ثلاث عشرة سنة، وقال ابن عباس: إنه كان في حجَّة الوداع قد ناهز الاحتلام، ومات عبد الله بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير لأنَّه أخرجه من مكة، وتوفي ابن عباس وهو ابن سبعين سنة، وقيل: ابن إحدى وسبعين، وقيل: ابن أربع وسبعين - وصلى عليه محمد ابن الحنفية، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة! وضرب على قبره فسطاطا، ويروى عن مجاهد عنه أنه قال: رأيت جبريل عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرتين، ودعا لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحكمة مرتين. وقال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ فيه: نعم ترجمان القرآن ابن عباس! وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول: فتى الكهول، لسان سؤول، وقلب عقول. وقال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس! وإذا تكلَّم قلت: أفصح الناس! وإذا تحدَّث قلت: أعلم الناس! وكان يُسمى البحر لغزارة علمه، والحبر لاتساع حفظه ونفوذ فهمه، وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ يقربه ويدنيه لجودة فهمه