(١١) ومن باب: النَّهي عن المحاقلة والمخابرة والمعاومة
قد تقدَّم القول في أصل اشتقاق المحاقلة. وقد فسَّرها ها هنا جابر: بأنَّها بيع الزرع القائم بالحب كيلًا. وقال الجوهري في الصحاح: المحاقلة: بيع الزرع في سنبله بالبرِّ. وقد نُهِي عنه.
قلت: وهذا يرجع إلى المزابنة، كما قدمناه. وقد فسرها غيره: بأنها كراء الأرض بما يخرج منها. وهو الذي صار إليه أصحابنا. فأمَّا المخابرة فمأخوذة من الخبر - بضم الخاء - وهو النصيب. هكذا حكاه أهل اللغة، وأنشدوا عليه:
وقال ابن الأعرابي: أصل المخابرة مأخوذ من خيبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أقرها في أيدي أهلها على النصيب منها، فقيل: خابرهم؛ أي: عاملهم في خيبر.
قلت: وعلى هذا فلا تكون المخابرة منهيًا عنها، وقد ثبت النهي عنها فهي غيرها. والصحيح ما حكاه الجوهري وغيره: أن المخابرة هي المزارعة بجزء مما يخرج من الأرض. وهو: الخِبر أيضًا -بالكسر- ويشهد له ما ذكرناه آنفًا عن اللغويين. وعلى هذا فيكون الفرق بين المحاقلة والمخابرة: أن المحاقلة كراء الأرض بما يخرج منها مطلقا. والمخابرة: كراؤها بجزء مما يخرج منها؛ كثلث وربع. وقد قال بعض الناس: إنهما بمعنى واحد. والمشهور ما ذكرناه. وهو الأولى. والله تعالى أعلم. وسيأتي القول في كراء الأرض.
و(قوله: ونهى عن بيع الثمرة حتى تطعم، ولا تباع إلا بالدراهم أو الدنانير