وبعمل أهل النار يعملون، فطوبى لمن قضيتُ له بالخير، ويسرته عليه، والويل لمن قضيت عليه بالشر، ويسرته له. وما أحسن قول من قال: قِسَم قُسِمت، ونعوت أجريت، كيف تُجتلب بحركات، أو تُنال بسعايات! ومع ذلك فغيّب الله عنا المقادير، ومكننا من الفعل والترك؛ رفعا للمعاذير، وخاطبنا بالأمر والنهي خطاب المستقلين، ولم يجعل التمسك بسابق القدر حجة للمقصرين، ولا عذرا للمعتذرين، وعلق الجزاء على الأعمال، وجعلها له سببا، فقال تعالى:{وَلِتُجزَى كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت} وبـ مَا عَمِلَت، وقال في أهل الجنة:{جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ} وقال في أهل النار: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجحَدُونَ} وقال: {لِيَجزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجزِيَ الَّذِينَ أَحسَنُوا بِالحُسنَى} وقال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: يا عبادي إنما هي أعمالكم أردها عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد الأخرى، فلا يلومن إلا نفسه (١). وكل ذلك من الله ابتلاء وامتحان، فيجب التسليم له والإذعان.
(١) رواه أحمد (٥/ ١٦٠)، ومسلم (٢٥٧٧)، والترمذي (٢٤٩٥)، وابن ماجه (٤٢٥٧).