قوله:(يهل مُلَبِّدًا (١))؛ أي: يرفع صوته بالتلبية. وأصل الإهلال: رفع الصوت عند رؤية الهلال. ثم يقال لكل من رفع صوته: أهل. والتلبيد: هو ضفر الرأس بالخطمي، أو الصمغ وشبهه مما يضم الشعر، ويلزق بعضه ببعض ليصير كاللبد، يمنعه بذلك من التَّمَعُّط والتقمل، وفعله جائز، وهو مستحب لمن يريد الحج أو العمرة، قاله عياض.
و(الإحرام) هو: اعتقاد دخوله في أحد النسكين، وتقارنه أقوال: وهي: التلبية، وأفعال؛ منها: انبعاث الراحلة على ما يأتي.
فأما التلبية: فاختلف في حكمها؛ فالجمهور: على أنها ليست بركن من أركان الحج، ولا شرط من شروطه، لكنها سنة مؤكدة يلزم بتركها الدم، ومن أصحابنا من عبَّر عنها: بأنها واجبة، ومراده: ما ذكرناه. وأبو حنيفة يعتقدها ركنًا وشرطًا في صحة الحج كالتكبير في إحرام الصلاة. وقاله ابن حبيب من أصحابنا، إلا أن أبا حنيفة على أصله في أنه: يجزئ عنها ما في معناها من التسبيح، والتهليل، وذكر الله تعالى؛ كما قال في التكبير.
وحكمة مشروعية التلبية: إجابة الدَّاعي الذي دعا إلى الحج، وهو إبراهيم عليه السلام؛ إذ قال الله له:{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالحَجِّ} فصعد عرفة، فنادى:(ألا إن لله بيتًا فحجوه)، فبلَّغ الله دعوته كيف شاء، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأوجبه على المستطيعين.
فأما (لبيك): فسيبويه، وأكثر النحويين على أنه: مثنى
(١) في الأصول: (ملبِّيًا) والصواب ما أثبتناه، وهو موافق لما ورد في الحديث والشرح.