للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٢٤) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها]

[٢١٠٩] عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ نَملَةً قَرَصَت نَبِيًّا مِن الأَنبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَريَةِ النَّملِ فَأُحرِقَت،

ــ

(٢٤ و ٢٥) ومن باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها (١)

قوله: (إن نملة قَرَصَت نبيًّا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأحرقت) هذا النبي - عليه السلام - كانت العقوبة للحيوان بالتحريق جائزة في شرعه، ولذلك إنَّما عاتبه الله تعالى في إحراق الكثير من النَّمل، لا في أصل الإحراق. ألا ترى قوله: (فهلا نملة واحدة؟ ! ) أي: هلا حرقت نملة واحدة! وهذا بخلاف شرعنا، فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن التعذيب بالنار، وقال: (لا يعذب بالنار إلا الله) (٢) وكذلك أيضًا كان قتل النمل مباحًا في شريعة ذلك النبي، فإنَّ الله لم يعتُبه على أصل قتل النمل. وأما شرعنا: فقد خرَّج أبو داود من حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن قتل أربع من الدواب: النَّملة، والنحلة، والهدهد، والصُّرد (٣). وقد كره مالك قتل النمل إلا أن يضر، ولا يقدر على دفعه إلا بالقتل.

وظاهر هذا الحديث: أن هذا النبي إنَّما عاتبه الله تعالى حيث انتقم لنفسه بإهلاك جمع آذاه واحد منه، وكان الأولى به الصبر، والصفح، لكن وقع للنبي أن هذا النوع مؤذٍ لبني آدم، وحرمة بني آدم أعظم من حرمة غيره من الحيوان غير الناطق، فلو انفرد له هذا النظر ولم ينضم إليه التَّشفي الطبيعي لم يعاتب، والله تعالى أعلم، لكن: لما انضاف إليه التَّشفي الذي دلَّ عليه سياق الحديث


(١) شرح المؤلف تحت هذا العنوان ما أشكل أيضًا في باب: فيمن حبس الهرَّ.
(٢) رواه أبو داود (٢٦٧٣).
(٣) رواه أبو داود (٥٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>