(٣٠) ومن باب: ترك قول من قال: لا ربا إلا في النسيئة
(قول أبي نضرة: سألت ابن عمر، وابن عباس عن الصرف فلم يريا به بأسًا) يعني به: صرف الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة. سألهما عن التفاضل بينهما، فأفتياه بالجواز أخذًا منهما بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:(إنما الربا في النسيئة) فإن هذا اللفظ ظاهره الحصر، فكأنه قال: لا ربا إلا في النسيئة. وهكذا وقع هذا اللفظ في البخاري (١)، وهو مقتضى قوله هنا:(لا ربا فيما كان يدًا بيد) فينتفي ربا الفضل. وقد قدَّمنا: أن هذا الخلاف شاذٌّ، متقدَّم، مرجوع عنه، كما قد نص عليه هنا من رجوع ابن عمر، وابن عبَّاس عنه. وممن قال بقولهما من السَّلف: عبد الله بن الزبير، وزيد بن أرقم، وأسامة بن زيد. ولا شك في معارضة هذا الحديث لحديث عبادة، وأبي سعيد، وغيرهما. فإنَّها نصوصٌ في إثبات ربا الفضل.
ولَمَّا كان كذلك اختلف العلماء في كيفية التخلص من ذلك على أوجهٍ، أشبهها وجهان:
أحدهما: أن حديث ابن عباس منسوخ بحديث عبادة وأبي سعيد، غير أنهم لم ينقلوا التاريخ نقلًا صريحًا، وإنما أخذوه من رجوع ابن عباس عن ذلك، ومن عمل الجمهور من الصحابة وغيرهم من علماء المدينة على خلاف ذلك.