[٩٨] عَن عَبدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَت: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالُوا: أَيُّنَا لا يَظلِمُ نَفسَهُ؟ ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَيسَ هو كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هو كَمَا قَالَ لُقمَانُ لاِبنِهِ: يَابُنَيَّ لَا تُشرِك بِاللَّهِ إِنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عَظِيمٌ.
ــ
(٤٠) وَمِن بَابِ ظُلمٍ دُونَ ظُلمٍ
(قوله تعالى: وَلَم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ) أي: لم يَخلِطوا، يقال: لَبَستُ الأَمرَ بغيره - بفتح الباء في الماضي، وكسرها في المستقبل - لَبسًا: إذا خَلَطتَهُ، ولَبِستُ الثوبَ - بكسر الباء في الماضي، وفتحها في المستقبل - لُبسًا ولِبَاسًا. والظُّلمُ: وَضعُ الشيءِ في غير موضعه؛ ومنه قولُ النابغة:
فسمَّى الأرضَ مظلومةً؛ لأنَّ النُّؤيَ حُفِرَ في الصُّلبِ منها، وليس موضعَ حَفر. والمرادُ به في الآية: ، وهو أعظمُ الظلم؛ إذ المُشرِكُ اعتقدَ الإلهيَّةَ لغيرِ مستَحِقِّها؛ كما قال تعالى: إِنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عَظِيمٌ أي: لا ظُلمَ أعظَمُ منه. ويقال على المعاصي ظُلم؛ لأنَّها وُضِعَت موضعَ ما يجبُ من الطاعةِ لله تعالى، وقد يأتي الظُّلمُ ويرادُ به النقص؛ كما قال تعالى: وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ أي: ما نَقَصُونا بِكُفرهم شيئًا، ولكن نَقَصُوا أنفسهم حظَّها من الخير.