(قوله: ذَاقَ طَعمَ الإِيمَانِ) أي: وَجَدَ حَلَاوَتَهُ، كما قال في حديث أنس: ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ، وهي عبارةٌ عمَّا يجده المؤمنُ المحقِّقُ في إيمانه، المطمئنُّ قلبه به؛ من انشراحِ صدره، وتنويرِهِ بمعرفةِ الله تعالى، ومعرفةِ رسوله، ومعرفةِ مِنَّةِ الله تعالى عليه: في أن أنعَمَ عليه بالإسلام، ونظَمَهُ في سلك أمَّةِ محمَّدٍ خيرِ الأنام، وحبَّب إليه الإيمانَ والمؤمنين، وبَغَّض إليه الكُفرَ والكافرين، وأنجَاهُ من قبيح أفعالهم، ورَكَاكةِ أحوالهم.
وعند مطالعةِ هذه المِنَن، والوقوفِ على تفاصيل تلك النِّعَم، تطيرُ القلوبُ فرحًا وسرورَا، وتمتلئُ إشراقًا ونورَا، فيا لها مِن حلاوةٍ ما ألذَّها، وحالةٍ ما أشرفَها! ! فنسأله - الله - تعالى أن يَمُنَّ بدوامها وكمالِهَا، كما مَنَّ بابتدائها وحُصُولِهَا؛ فإنَّ المؤمن عند تذكُّرِ تلك النِّعَمِ والمِنَن لا يخلو عن إدراك تلك الحلاوة؛ غير أنَّ المؤمنين في تمكُّنها ودوامها متفاوتون، وما منهم إلا وله منها شِربٌ مَعلُوم، وذلك بِحَسَبِ ما قُسِمَ لهم من هذه المجاهدة الرياضيّة، والمِنَحِ الربَّانيَّة، وللكلام في تفاصيلِ ما أجملناه مَقَامٌ آخرُ.
و(قوله: مَن رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا. . .) الحديثَ؛ الرضا بهذه الأمورِ الثلاثة على قسمَين:
رِضًا عامٌّ: وهو ألا يَتَّخِذَ غيرَ الله ربًّا، ولا غيرَ دين الإسلام دينًا، ولا غيرَ محمَّد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً؛ وهذا الرضا لا يخلو عنه مسلم؛ إذ لا يَصِحُّ التديُّنُ بدين الإسلام إلا بذلك الرضا.