[٨٧١] عَن جَابِرٍ قَالَ: أَعتَقَ رَجُلٌ مِن بَنِي عُذرَةَ عَبدًا لَهُ عَن دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَبِي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:(أَلَكَ مَالٌ غَيرُهُ؟ ) فَقَالَ: لا، فَقَالَ:(مَن
ــ
(٨) ومن باب: الابتداء بالصدقة بالأهم فالأهم
قوله: أعتق رجل من بني عذرة، وجاء في رواية أخرى في الأم؛ أن هذا الرجل من الأنصار، واسمه: أبو مذكور.
وهذا الحديث حجة للشافعي، ومن قال بقوله على جواز بيع المدبر. وأن التدبير ليس بلازم كالوصية. وخالفه في ذلك مالك ومن قال بقوله. فقال: إنه لا يجوز بيعه إلا إن استغرقه دين بعد الموت، قال مالك: وهو الأمر المجمع عليه عندنا.
وعلى هذا: فظاهر هذا الحديث متروك بدليل هذا العمل المجمع عليه، فيتعين تأويل هذا الحديث عند من يرجح العمل المنقول على أخبار الآحاد، وهو مذهب مالك. وقد حمل أصحابنا هذا الحديث: على أنه إنما باعه النبي - صلى الله عليه وسلم - في دين متقدّم على التدبير، ويعتضد هذا: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تولى بيع المدبر بنفسه، كما يتولى الحاكم بيع مال المفلس. وأحالت الشافعية لهذا التأويل: بأنه - صلى الله عليه وسلم - قال للرجل لما دفع إليه ثمن المدبر:(ابدأ بنفسك فتصدق عليها)؛ قالوا: ولو كان هنالك دين لكان الابتداء به أولى، ولقال له: ابدأ بدينك.
قال بعض أصحابنا: إن قوله: (ابدأ بنفسك)؛ متضمن لذلك؛ لأن قوله:(ابدأ بنفسك)؛ إنما يعني به ابدأ بحقوقها. ومن أعظم حقوقها تخليصها من الدَّين الذي هي مرتهنة به. ومما احتج به أصحابنا [بأن] المدبر لا يباع ولا يوهب: حديث ابن عمر، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:(المدبر لا يباع ولا يوهب، وهو حر من الثلث)(١)، وصحيحه موقوف على ابن عمر، والذي استدل به مالك ما تقدّم.