(٦٤) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره
[٤٩٧]- عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَقُمنَا فَعَدَّلنَا الصُّفُوفَ، قَبلَ أَن يَخرُجَ إِلَينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَاّهُ قَبلَ أَن يُكَبِّرَ، ذَكَرَ فَانصَرَفَ، وَقَالَ لَنَا: مَكَانَكُم. فَلَم نَزَل
ــ
(٦٤) ومن باب: إذا ذكر الإمام أنه محدث خرج
قوله: حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف: هذا هو الصحيح من حديث أبي هريرة في كتاب مسلم والبخاري: أنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر قبل أن يكبر، وقبل أن يدخل في الصلاة. وعلى هذا فلا يكون في الحديث إشكال، ولا مخالفة أصل، وأقصى ما فيه أن يقال: لِمَ أشار إليهم ولَم يتكلم؟ ولِمَ انتظروه قيامًا؟ والجواب: أنا لا نسلِّم أنه لم يتكلم، بل قد جاء في هذه الرواية أنه قال لهم: مكانكم. وفي الرواية الأخرى: أنه أومأ إليهم، وعلى الجمع بين الروايتين: أنه جمع بين القول والإشارة، تأكيدًا لملازمة القيام. ولو سلمنا أنه لم يتكلم، وأنه اقتصر على الإشارة، لم يكن فيه دليل على أنه دخل في الصلاة؛ إذ يحتمل أن يكون ذلك استصحابًا لما شرع فيه من الوقار؛ لأنه بمنزلة من هو في الصلاة؛ إذ قَصده أن يخرج للتطهر ثم يعود لها؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة والوقار (١). وأما ملازمتهم للقيام، فامتثالٌ لأمره - صلى الله عليه وسلم - لهم بذلك.
وإنما أمرهم بذلك ليُشعر بسرعة رجوعه حتى لا يتفرقوا، ولئلا يزايلوا ما كانوا شرعوا فيه من القيام للقربة حتى يفرغوا منها، والله أعلم.
ثم لما رجع هل بنى على الإقامة الأولى، أو استأنف إقامة أخرى؟ لم يصح في ذلك نقل، وظاهر الأمر: أنه لو استجد إقامة أخرى لنقل ذلك؛ إذ قد روي هذا الحديث من طرق، وليس فيها
(١) سبق تخريجه برقم (٤٩٠) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.