للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣٢) بَابٌ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ عَمَّا فِي القُلُوبِ

[٧٥] عَنِ المِقدَادِ بنِ الأَسوَدِ؛ أَنَّهُ قَالَ: يَا رسولَ الله، أَرَأَيتَ إِن لَقِيتُ رَجُلاً مِنَ الكُفَّارِ، فَقَاتَلَنِي، فَضَرَبَ إِحدَى يَدَيَّ بِالسَّيفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أَسلَمتُ لِلّهِ، أَفَأَقتُلُهُ يَا رسولَ الله، بَعدَ أَن قَالَهَا؟

ــ

(٣٢) وَمِن بَابٍ يُكتَفَى بِظَاهِرِ الإِسلَامِ، وَلَا يُبقَّرُ (١) عَمَّا فِي القُلُوبِ

(قوله: أَرَأَيتَ إِن جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الكُفَّارِ، فَقَاتَلَنِي؟ ) دليلٌ على جوازِ السؤالِ عن أحكامِ النوازلِ قبل وقوعها. وقد رُوِيَ عن بعضِ السلف: كراهيَةُ الكلامِ في النوازلِ قبل وقوعها، وهذا إِنَّما يُحمَلُ على ما إذا كانت تلك المسائلُ مما لا تقَعُ، أو تقعُ نادرًا، فأمَّا ما يتكرَّر من ذلك، ويكثُرُ وقوعه: فيجبُ بيانُ أحكامِهَا على مَن كانت له أهليةُ ذلك، إذا خِيفَ الشُّغُور (٢) عن المجتهدين والعلماءِ في الحالِ أو في الاستقبال؛ كما قد اتَّفَقَ عليه أئمَّةِ المسلمين مِنَ السلف: لما توقَّعوا ذلك، فرَّعوا الفروعَ ودوَّنوها وأجابوا عما سُئِلُوا عنه مِن ذلك؛ حِرصًا على إظهارِ الدِّين، وتقريبًا على مَن تعذَّرَت عليه شروطُ الاجتهادِ مِنَ اللاحقين.

و(قوله: لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ) أي: استتَرَ؛ يقال: لَاذَ يَلُوذُ لِوَاذًا: إذا استتَرَ، والمَلَاذُ: ما يُستَتَرُ به.

و(قوله: أَسلَمتُ لِلّهِ) أي: دخلتُ في دينِ الإسلامِ، وتَدَيَّنتُ به. وفيه: دليلٌ


(١) "بقّر": فتح وشقّ.
(٢) أي: خلو الزمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>