الخمسة الأسماء هي الموجودة في الكتب المتقدِّمة، وأعرف عند الأمم السالفة، ويحتمل أن يقال: إنه في الوقت الذي أخبر بهذه الأسماء الخمسة لم يكن أوحي إليه في غيرها بشيء، فإنَّ أسماءه إنَّما تلقاها من الوحي، ولا يسمَّى إلا بما سَمَّاه الله به، وهذا أسدُّ الجوابين إن شاء الله تعالى.
(٢٣) ومن باب كون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعلم الناس بالله وأشدهم له خشية
إنما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعلم الناس بالله، لما خصَّه الله تعالى به في أصل الخلقة من كمال الفطنة، وجودة القريحة، وسداد النظر، وسرعة الإدراك، ولما رفع الله عنه من موانع الإدراك، وقواطع النظر قبل تمامه، ومن اجتمعت له هذه الأمور سهل عليه الوصول إلى العلوم النظرية، وصارت في حقه كالضرورية، ثم إن الله تعالى قد أطلعه من علم صفاته وأحكامه، وأحوال العالم كله على ما لم يطَّلع عليه غيره، وهذا كله معلوم من حاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالعقل الصريح، والنقل الصحيح، وإذا كان في علمه بالله تعالى أعلم الناس لزم أن يكون أخشى الناس لله تعالى، لأنَّ الخشية منبعثة عن العلم، وبحسبه، كما قال تعالى:{إِنَّمَا يَخشَى اللَّهَ مِن عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} وقد أشار بعض المتصوفة إلى أن علوم الأنبياء ضرورية، وسماها: كشفًا، وهذا كلام فيه إجمالٌ، ويحتاج إلى استفصال، فيقال لقائله: إن أردت بكونها ضرورية أنها حاصلة في أصل فطرتهم، وأنهم جبلوا عليها، بحيث