(قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يعرِّض بالخمر، ولعل الله سينزل فيها أمرًا، هذا التعريض، وهذا التوقع إنما فهمه النبي صلى الله عليه وسلم من قوله تعالى:{يَسأَلُونَكَ عَنِ الخَمرِ وَالمَيسِرِ قُل فِيهِمَا إِثمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثمُهُمَا أَكبَرُ مِن نَفعِهِمَا} ومن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُم سُكَارَى حَتَّى تَعلَمُوا مَا تَقُولُونَ} وذلك: أنه لما سمع أن فيهما إِثمًا كبيرًا، وأن إثمهما أكبر من نفعهما، وأنه قد منع من الصلاة في حال السُّكر؛ ظهر له: أن هذا مناسب للمنع منها، فتوقع ذلك.
و(قوله: فمن كان عنده منها شيء فليبعه، ولينتفع به) فيه دليل على أن الخمر وبيعها كانا مباحين إباحة متلقاة من الشرع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرر أصحابه عليها، وليس ذلك من باب البقاء على البراءة الأصلية؛ لأن إقراره دليلُ الجواز والإباحة، كما قررناه في الأصول. وفيه دليل على اغتنام فرصة المصالح المالية إذا عرضت، وعلى صيانة المال، وعلى بذل النصيحة والإشارة بأرجح ما يعلمه من الوجوه المصلحية.
و(قوله: فما لبثنا إلا يسيرًا حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرَّم الخمر، فمن