[٦٦٧]- عَن أَبِي هُرَيرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مَا أَذِنَ الله
ــ
(١١٣)[ومن باب: تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها](١)
قوله: ما أذن الله؛ أي: ما استمع الله وأصغى. وأصله: أن المُستَمِع يميل بأذنه إلى جهة المُستَمَع، تقول العرب: أَذِن؛ بكسر الذال، يأذَن بفتحها في المستقبل؛ أَذَنًا بفتح الهمزة والذال في المصدر: إذا أصغى واستمع. وهذا المعنى في حق الله تعالى محال، وإنما هو من باب التوسُّع على ما جرى به عرف التخاطب، وهو منصرف في حق الله تعالى لإكرام القارئ وإجزال ثوابه. ووجه هذا التوسع: أن الإصغاء إلى الشيء قبول له، واعتناء به، ويترتب على ذلك إكرام المُصغَى إليه، فعبّر عن الإكرام بالإصغاء؛ إذ هو عنه. وفائدة هذا الخبر حث القارئ على إعطاء القراءة حقها من: ترتيلها، وتحسينها، وتطييبها بالصوت الحسن ما أمكن.
فأما قوله: يتغنى بالقرآن، فتمسك به من يجوّز القرآن بالألحان، وهو أبو حنيفة وجماعة من السلف، وقال به الشافعي في التحزين، وكرهه مالك وأكثر العلماء، ولا أشك أن موضع الخلاف في هذه المسألة إنما هو إذا لم يغيّر لفظ القرآن بزيادة أو نقصان، أو يبهم معناه بترديد الأصوات، فلا يُفهم معنى القرآن، فإن هذا مما لا شك في تحريمه. فأما إذا سلم من ذلك، وحذى به حذو أساليب الغناء والتطريب والتحزين فقط، فقد قال مالك: ينبغي أن ننَزِّه أذكار الله، وقراءة القرآن عن التشبه بأحوال المجون والباطل؛ فإنها حق، وجد، وصدق. والغناء: هزل، ولهو، ولعب. وهذا الذي قاله مالك وجمهور العلماء هو الصحيح؛ بدليل ما ذُكِر، وبأدلة أُخَرى:
(١) هذا العنوان ساقط من الأصول، واسْتُدْرِك من التلخيص.