فيهما واحد. والحاصل منهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم استكثر الثلث، مع أنه أجازه أولًا بقوله. فينبغي أن ينقص منه شيءٌ له بالٌ، وهو غير محدود.
(٢) ومن باب: الصدقة عمَّن لم يوص
(قوله: إن أبي مات وترك مالًا، ولم يوص فيه. فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم) ظاهر قوله: (فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه): أنه علم أن أباه كان فرَّط في صدقات واجبة، فسأل: هل يجزئ عنه أن يقوم بها عنه؛ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: بـ (نعم). وعلى هذا فيكون فيه دليل على أن من قام عن آخر بواجب مالي في الحياة، أو بعد الموت أجزأ عنه، وهذا مما تجوز النيابة فيه بالإجماع، وإنه مما يستحب، وخصوصًا في الآباء؛ فإنَّها مبالغة في برهم، والقيام بحقوقهم. وقد قال صلى الله عليه وسلم:(من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه إن شاء)(١) وقد تقدم في كتاب الصوم. وإذا كان هذا في الصيام؛ كان الحق المالي بذلك أولى. وقيل: إنَّما سأل: هل تكفَّر بذلك خطاياه؟ ولا ينبغي أن يُظَنَّ بصحابي تفريط في زكاة واجبة إلى أن مات. فإن هذا بعيد في حقوقهم. فالأولى به أن يحمل على أنَّه سأل: هل لأبيه أجرٌ بذلك فيكفر عنه به، كما قال السائل الآخر في حق أمه: أفلها أجر؟ ويحتمل أن يكون ذلك في الوقت الذي كانت فيه الوصية واجبة.
(١) رواه أحمد (٦/ ٦٩)، والبخاري (١٩٥٢)، ومسلم (١١٤٧).