قوله:(كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور) أي: من أفحش الفواحش، ويعني أهل الجاهلية، وكان ذلك من تحكماتهم المبتدعة.
وقوله:(ويجعلون المُحرم صفر) أي: يسمونه به، وينسبون تحريمه إليه، لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر حرم، فتضيق عليهم بذلك أحوالهم. وحاصله: أنهم كانوا يحلون من الأشهر الحرم ما احتاجوا إليه، ويحرمون مكان ذلك غيره، وكان الذين يفعلون ذلك يسمَّون: النَّسأة، وكانوا أشرافهم. وفي ذلك قال شاعرهم (١):
أَلَسنا النَّاسِئِين على معَدٍّ ... شُهُورَ الحلِّ نَجعَلُها حَرامًا
فردَّ الله تعالى كل ذلك بقوله تعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفرِ} الآية.
وقوله:(ويقولون: إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر) فـ (برأ): أفاق. و (الدَّبر) يعني به: دبر ظهور الإبل عند انصرافها من الحج. و (عفا الأثر): انمحى ودرس. الخطابي: يعني أثر الدبر. وفيه بُعد. وقال غيره: يعني أثر الحاج من الطرق. و (عفا) من الأضداد. يقال: عفا الشيء: كثر، وقل، وظهر وخفي، مثله.