(٥) باب في قوله تعالى: {إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ}
[٢٦٨٠] عن عبد الله بن مسعود، قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَالَجتُ امرَأَةً فِي أَقصَى المَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبتُ مِنهَا مَا دُونَ أَن أَمَسَّهَا، فَأَنَا هَذَا فَاقضِ فِيَّ مَا شِئتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَد سَتَرَكَ اللَّهُ
ــ
(٥) ومن باب: في قوله تعالى: {إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ}
(قوله: إني عالجت امرأة) أي: حاولتها لأصيب منها غرضا وشهوة، وأقصى المدينة: ما بعد منها، يعني موضعا خاليا عن الناس.
و(قوله: إني أصبت منها ما دون أن أمسها) أي: لم أجامعها، وقد قال في رواية أخرى: إن الذي أصاب منها قبلة قبلها، وإياها عنى في الرواية الأخرى بقوله: أصبت حدا، ويحتمل أن يكون معناه: أصبت منها شيئا ممنوعا؛ لأن الحد في أصله هو المنع، ويحتمل أنه ظن أن في ذلك حدا فأطلق عليه ذلك. وهو الظاهر من قوله: أصبت حدا فأقم علي كتاب الله.
و(قوله: فانطلق فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فدعاه، فتلا عليه هذه الآية:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ} إنما دعاه النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه عنه، لأن الله تعالى أنزل الآية بعد انصرافه بسبب سؤال الرجل المذكور، كما جاء نصا في رواية أخرى: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له. قال: فنزلت الآية (١). فبين أن الآية نزلت بسبب ذلك الرجل. وإقامة الصلاة: القيام بفعلها على سنتها والمثابرة عليها. وطرفا النهار: هما الصبح والعصر. وقيل: الظهر والعصر، وقيل: العشاء والمغرب. وزلفا من الليل: بفتح اللام على قراءة الجماعة، وهي الساعات المتقاربة، جمع زلفة، وهي القربة والمنزلة
(١) رواه الترمذي (٣١١٣) عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-.