للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٥) باب في فضل من غرس غرسًا

[١٦٤٠] عَن جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مَا مِن مُسلِمٍ يَغرِسُ غَرسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ

ــ

(١٥) ومن باب: فضل من غرس غرسًا

(قوله: ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أكل منه له صدقة. . .) الحديث؛ إنما خصَّ المسلم بالذكر لأنه ينوي عند الغرس غالبًا أن يتقوَّى بثمرة ذلك الغرس المسلمون على عبادة الله تعالى، ولأن المسلم هو الذي يحصل له ثواب. وأما الكافر فلا يحصل له بما يفعله من الخيرات ثواب، وغايته أن يُخَفَّف العذاب عنه، وقد يطعم في الدنيا، ويعطى بذلك؛ كما تقدَّم في كتاب الإيمان.

ويعني بـ (الصدقة) هنا: ثواب صدقة مضاعفًا، كما قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَموَالَهُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَت سَبعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} الآية.

وفيه دليل: على أن الغراس، واتخاذ الضياع مباح، وغير قادح في الزهد، وقد فعله كثير من الصحابة. وقد ذهب قوم من المتزهدة: إلى أن ذلك مكروه وقادح. ولعلّهم تمسكوا في ذلك بما قد خرَّجه الترمذي من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تتخذوا الضيعة، فتركنوا إلى الدنيا) (١) من حديث ابن مسعود، وقال فيه: حديث حسن.

والجواب: أن هذا النهي محمول على الاستكثار من الضياع والانصراف إليها بالقلب الذي يفضي بصاحبه إلى الركون للدنيا. فأما إذا اتخذها غير مستكثر، وقلل منها، وكانت له كفافًا وعفافًا فهي مباحة، غير قادحة في الزهد، وسبيلها كسبيل المال الذي استثناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إلا من أخذه بحقه، ووضعه في


(١) رواه الترمذي (٢٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>