قولٌ مردودٌ بالنُّصوص المذكورة، ولا خلاف: في أن أوامر هذا الباب ونواهيه: إنما هي من الآداب المكملة، وليس شيء منها على الوجوب ولا الحظر عند معتبر بقوله من العلماء، والله تعالى أعلم.
(١٣) ومن باب النَّهي عن اشتمال الصَّماء
قول جابر:(نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اشتمال الصَّمَّاء) الاشتمال: الالتفاف. وقد يُسمى التحافًا، كما قد جاء في الرواية الأخرى:(لا يلتحف) واختلف اللغويون والفقهاء في تفسير اشتمال الصَّمَّاء. فقال الأصمعي: هو أن يشتمل بالثوب؛ حتى يُجلِّل جميع جسده، ولا يرفع منه جانبًا.
قال القتبي: إنما قيل لها: الصماء؛ لأنَّه إذا اشتمل بها انسدَّت على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق، ولا صدع. وقاله أبو عبيد. وأما تفسير الفقهاء: فهو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على أحد منكبيه، وعلى هذا: فيكون إنما نهى عنه؛ لأنَّه يؤدي إلى كشف العورة. وعلى تفسير أهل اللغة: إنما هي مخافة أن يعرض له شيء يحتاج إلى رده بيديه، فلا يجد إلى ذلك سبيلًا.
و(قوله: وأن يحتبي في ثوب واحد كاشفًا عن فرجه) كانت عادة العرب أن يحتبي الرجل بردائه فيشدَّه على ظهره، وعلى ركبتيه، كان عليه إزار، أو لم يكن،