للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٥) باب تطيب المحرم قبل الإحرام]

[١٠٦٠] عَن عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَت: كُنتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لِإِحرَامِهِ

ــ

(٥) ومن باب: التطيب للإحرام

قول عائشة -رضي الله عنها-: (كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه)؛ أي: عند إحرامه. فاللام للتوقيت، كقوله: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمسِ}؛ أي: عند دلوك الشمس. وكذلك قولها: (ولحلِّه). فليست للتعليل هنا بالاتفاق؛ لأنهما كانا يكونان علة للتطيب؛ أعني: الإحرام والحل، بل هو نقيض مقصود الشرع من المحرم قطعًا. وهذه الرواية - أعني: لإحرامه - مفسِّرةٌ للرواية الأخرى التي قال فيها: لحرمه. ويقال: حُرم، وحِرم. بالضم والكسر. وأنكر ثابت الضم، وقال: إنما يقال: حِرمُه - بالكسر - كما يقال: حِلٌّ، وكما قرئ: وحِرمٌ - بالكسر -. وقد ذكرنا الخلاف في استدامة المحرم للطيب.

و(وبيص الطيب): بريقه، وأثره. وهذا الطيب الذي ذكرته عائشة كان دهنًا له أثر فيه مسك. وبهذا يجتمع خلاف الروايات في ذلك؛ وإنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب للطواف على نسائه في بيوتهن بالمدينة، في ليلة اليوم الذي خرج في بقيته إلى ذي الحليفة، فإنه بات بها، وأصبح محرمًا من صبيحة ليلتها، كما قد ذكرنا آنفًا، وأحرم بعد أن صلَّى الظهر، كما ظهر من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الآتي: فاغتسل وغسل ما كان عليه من الطيب، غير أنه بقي عليه ما تعذر إزالته بعد الغسل من الرائحة (١). وعن هذا عبَّرت عائشة -رضي الله عنها- بقولها: (ثم أصبح ينضخ طيبًا)، ومعنى (ينضخ): تعم رائحته، ويدرك إدراكًا كثيرًا، وأصله من: نضخ العين، وهو عبارة عن كثرة مائها، وفورانه. ومنه: {فِيهِمَا عَينَانِ نَضَّاخَتَانِ}


(١) يأتي الحديث في أول الباب العاشر من كتاب: الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>