(٨ و ٩) ومن باب حوض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأوانيه (١)
قد تقدَّم القول على كثير من معاني أحاديث هذا الباب في كتاب الطهارة. ومما يجب على كل مكلف أن يعلمه، ويصدِّق به: أن الله تعالى قد خصَّ نبيه محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالكوثر الذي هو الحوض المصرَّح باسمه، وصفته، وشرابه وآنيته في الأحاديث الكثيرة الصحيحة الشهيرة، التي يحصل بمجموعها العلم القطعي، واليقين التواتري، إذ قد روى ذلك عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الصحابة نيف على الثلاثين. في الصحيحين منهم نيف على العشرين، وباقيهم في غيرهما، مما صح نقله، واشتهرت روايته، ثم قد رواها عن الصحابة من التابعين أمثالُهم، ثم لم تزل تلك الأحاديث مع توالي الأعصار، وكثرة الرواة لها في جميع الأقطار، تتوفر همم الناقلين لها على روايتها وتخليدها في الأمهات، وتدوينها، إلى أن انتهى ذلك إلينا، وقامت به حجة الله علينا، فلزمنا الإيمان بذلك، والتصديق به، كما أجمع عليه السلف، وأهل السنة من الخلف، وقد أنكرته طائفة من المبتدعة، وأحالوه عن ظاهره، وغلوا في تأويله من غير إحالة عقلية، ولا عادية، تلزم من إقراره على ظاهره، ولا منازعة سمعية، ولا نقلية تدعو إلى تأويله، فتأويله تحريف صدر عن عقل سخيف خرق به إجماع السلف، وفارق به مذهب أئمة الخلف.
والحوض:
(١) شرح المؤلف -رحمه الله- تحت هذا العنوان أيضًا ما أشكل في أحاديث باب: في عِظَم حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - وكبره. . .