[٤٦٠]- عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا شَكَّ أَحَدُكُم فِي صَلاتِهِ فَلَم يَدرِ كَم صَلَّى ثَلاثًا أَم أَربَعًا، فَليَطرَحِ الشَّكَّ، وَليَبنِ عَلَى مَا استَيقَنَ، ثُمَّ يَسجُدُ سَجدَتَينِ قَبلَ أَن يُسَلِّمَ،
ــ
(٥٣) ومن باب: فيمن لم يَدرِ كم صلى (١)
قوله في حديث أبي سعيد: إذا شك أحدكم في صلاته، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن: تمسك بظاهره جمهور أهل العلم في إلغاء المشكوك فيه، والعمل على المتيقن، وألحقوا المظنون بالمشكوك في الإلغاء، وردّوا قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود: فليتحرّ الصواب من ذلك إلى حديث أبي سعيد هذا، ورأوا أن هذا التحري هو القصد إلى طرح الشك، والعمل على المتيقن. وقال أهل الرأي من أهل الكوفة وغيرهم: إن التحري هنا هو البناء على غلبة الظن. وأما أبو حنيفة فقال: ذلك لمن اعتراه ذلك مرة بعد مرة، فأما لأَوَّل ما ينوبه، فليبن على اليقين، وكأن أبا حنيفة جمع بين الحديثين باعتبار حالين للشاكّ.
وقوله: ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم: احتج بظاهره الشافعي لأصل مذهبه على أن سجود السهو كله قبل السلام. وقال الداودي: اختلف قول مالك في الذي لا يدري ثلاثًا صلى أم أربعًا؟ فقال: يسجد قبل السلام، وقال: بعد السلام، والصحيح من مذهبه في هذه الصورة: السجود بعد السلام. وقد اعتلَّ أصحابنا لهذا الحديث بأوجه:
أحدها: أنه يعارضه حديث ذي اليدين؛ حيث زاد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم سجد بعد
(١) ورد هذا العنوان لاحقًا، وقدَّمناه هنا لمناسبته.