رواه أحمد (٢/ ٢٤٨)، والبخاريُّ (٣٥٣٩)، ومسلم (٢١٣٤)، وأبو داود (٤٩٦٥)، والترمذيُّ (٢٨٤٤)، وابن ماجه (٣٧٣٥).
ــ
(٢) ومن باب تسمَّوا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي
قوله - صلى الله عليه وسلم -: (تسمَّوا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي) صدر هذا القول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرات؛ فعلى حديث أنس إنما قاله حين نادى رجل: يا أبا القاسم! فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال الرجل: لم أعنك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك القول. وهذه حالة تنافي الاحترام، والتعزير المأمور به، فلمَّا كانت الكناية بأبي القاسم تؤدي إلى ذلك نهى عنها. ويتأيد هذا المعنى بما نقل: أنَّ اليهود كانت تناديه بهذه الكناية إزراءً، ثم تقول: لم أعنك. فحسم الذريعة بالنَّهي. فإن قيل: فيلزم على هذا: أن تُمنع التَّسمية بمحمد، وقد فرَّق بينهما، فأجازه في الاسم، ومنعه في الكناية.
فالجواب: أنَّه لم يكن أحدٌ من الصحابة يجترئ أن يناديه باسمه؛ إذ الاسم لا توقير بالنداء به، بخلاف الكناية فإنَّ في النداء بها احترامًا وتوقيرًا، وإنما كان يناديه باسمه أجلاف العرب، ممن لم يؤمن، أو آمن ولم يرسخ الإيمان في قلبه، كالذين نادوه من وراء الحجرات: يا محمد! اخرج لنا. فأنزل الله تعالى فيهم:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكثَرُهُم لا يَعقِلُونَ} فمنعت الذريعة فيما كانوا ينادونه به، وأبيح ما لم يكونوا ينادونه به. وعلى هذا المعنى فيكون النهي عن