[٢٦٢٧] عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم في الدعاء؛ فإن الله صانع ما شاء، لا مكره له.
ــ
(٨) ومن باب: قوله: ليُحَقق الداعي طلبته وليعزم في دعائه.
قوله: لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت) إنما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القول؛ لأنَّه يدل على فتور الرغبة، وقلة التهمم بالمطلوب. وكأن هذا القول يتضمن: أن هذا المطلوب إن حصل، وإلا استغني عنه، ومن كان هذا حاله لم يُتحقق من حاله الافتقار والاضطرار الذي هو روح عبادة الدعاء، وكان ذلك دليلا على قلة اكتراثه بذنوبه، وبرحمة ربه، وأيضًا فإنَّه لا يكون موقنا بالإجابة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه (١). ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بالنهي عن ذلك حتى أمر بنقيضه فقال: ليعزم في الدعاء أي: ليجزم في طلبته، وليحقق رغبته ويتيقن الإجابة؛ فإنَّه إذا فعل ذلك: دل على علمه بعظيم قدر ما يطلب من المغفرة والرحمة، وعلى أنه مفتقر لما يطلب، مضطر إليه، وقد وعد الله المضطر بالإجابة بقوله:{أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}
و(قوله: فإنَّ الله صانع ما شاء لا مكره له) إظهار لعدم فائدة تقييد الاستغفار والرحمة بالمشيئة؛ لأنَّ الله تعالى لا يضطره إلى فعل شيء، دعاء ولا