(قوله: الإِيمَانُ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَةً) الإيمانُ في هذا الحديث يرادُ به: الأعمالُ، بدليل أنَّه ذكَرَ فيه أعلى الأعمال، وهو قولُ: لا إلهَ إلَاّ الله، وأدناها، أي: أقرَبَها، وهو إماطةُ الأذى، وهما عملان؛ فما بينهما مِن قبيل الأعمال. وقد قدَّمنا القولَ في حقيقة الإيمان شرعًا ولغةً، وأنَّ الأعمالَ الشرعيَّةَ تسمَّى إيمانًا مجازًا وتوسُّعًا؛ لأنَّها عن الإيمان تكونُ غالبًا. والبِضعُ والبِضعَةُ واحدٌ، وهو من العَدَدِ بكسر الباء، وقد تُفتَح وهو قليلٌ؛ ذكره الجوهريُّ. فأمَّا مِن بَضعِ اللحم فبِفَتح الباء لا غير، والبَضعَةُ من اللحم، بالفتح القطعةُ منه، واستعملَتِ العربُ البِضعَ في المشهور مِن كلامها: فيما بين الثلاثِ إلى العَشر، وقيل: إلى التِّسع، وقال الخليلُ: البِضعُ: سبع، وقيل: هو ما بين اثنَينِ إلى عَشر، وما بين عشَرَ إلى عشرين، ولا يقالُ في أحدَ عشَرَ، ولا في اثنَي عشر، وقال الخليلُ أيضًا: هو ما بين نِصفِ العَقد، يريد مِن واحدٍ إلى أربع.
والشُّعبَةُ في أصلها: واحدةُ الشُّعَب، وهي أغصانُ الشجر، وهي بضمِّ الشين، فأمَّا شُعَبُ القبائل، فواحدُهَا: شَعبٌ بفتحها، وقال الخليل: الشَّعب: الاجتماعُ والافتراق. وفي الصحاح: هو من الأضداد. فيُراد بالشُّعبة في الحديث