رواه مسلم (٢١١٦)، وأبو داود (٢٥٦٤)، والترمذي (١٧١٠).
ــ
(١٩) ومن باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم
نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الضرب في الوجه، وعن الوسم فيه يدلّ على احترام هذا العضو، وتشريفه على سائر الأعضاء الظاهرة، وذلك لأنه الأصل في خلقة الإنسان، وغيره من الأعضاء خادم له؛ لأنَّه الجامع للحواس التي تحصل بها الإدراكات المشتركة بين الأنواع المختلفة، ولأنَّه أول الأعضاء في الشخوص، والمقابلة، والتحدُّث، والقصد، ولأنَّه مدخل الروح ومخرجه، ولأنه مقر الجمال والحسن، ولأن به قوام الحيوان كله: ناطقه وغير ناطقه. ولما كان بهذه المثابة احترمه الشرع، ونهى أن يُتعرَّض له بإهانة، ولا تقبيح، ولا تشويه. وقد مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل يضرب عبده فقال:(اتق الوجه، فإنَّ الله تعالى خلق آدم على صورته)(١) أي: على صورة المضروب. ومعنى ذلك - والله أعلم -: أن المضروب من ولد آدم، ووجهه كوجهه في أصل الخلقة، ووجه آدم - عليه السلام - مكرمٌ مشرف؛ إذ قد شرفه الله تعالى بأن خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأقبل عليه بكلامه، وأسجد له ملائكته. وإذا كان هذا الوجه يشبه ذلك الوجه فينبغي أن يحترم كاحترامه.
ولما سمع ذلك الصحابي النهي عن الوسم، وفهم ذلك المعنى قال: والله لا أسمه، مبالغة في الامتثال والاحترام.
و(الوسم): الكي بالنار. وأصله: العلامة. يقال: وسم الشيء يسمه: إذا