(٢٠) بَابٌ لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو كَامِلُ الإِيمَانِ
[٤٧] عَن أَبي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو مُؤمِنٌ، وَلَا يَسرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسرِقُ وهو مُؤمِنٌ، وَلَا يَشرَبُ الخَمرَ حِينَ يَشرَبُهَا وهو مُؤمِنٌ، وَلا يَنتَهِبُ نُهبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرفَعُ النَّاسُ
ــ
فيكون النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَهُ أن ينطق بهذا اللفظ؛ فكأنَّه قال له: قل: فيما استطَعتُ، وعليه فيحتاجُ جريرٌ إلى النطق بذلك امتثالاً للأمر. وعلى الوجهَين: فمقصودُ هذا القولِ التنبيهُ على أنَّ اللازمَ من الأمورِ المبايَع عليها هو ما يُطَاقُ ويُستطاع، كما هو المُشتَرَطُ في أصل التكليف؛ كما قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلَّا وُسعَهَا. ويُشعِرُ الأمرُ بقولِ ذلك اللفظِ في حال المبايعة: بالعَفو عن الهفوة والسقطة، وما وقع عن خطأٍ أو تفريط.
هذه الترجمةُ مشعرةٌ بأنَّ هذه الأحاديثَ المذكورةَ تحتها ليست على ظواهرها، بل متأوَّلَةٌ، وهي تحتملُ وجوهًا من التأويلات؛ أحدُهَا: ما ذُكِرَ في الترجمة، وسيأتي.
والزِّنَى في العُرفِ الشرعيِّ: هو إيلاجُ فَرجٍ محرَّمٍ، في فرجٍ محرَّمٍ شرعًا، مُشتَهًى طَبعًا، مِن حيثُ هو كذلك؛ فتحرَّزوا بمُشتَهًى طبعًا من اللِّوَاطِ وإتيانِ البهيمة، وبقولِهِ: مِن حَيثُ هو كَذَلِكَ عن وَطءِ المُحرِمةِ والصائمةِ والحائض؛ فإنَّه تحريم مِن جهةِ الموانعِ الخارجيَّة.
و(قوله: وَلا يَنتَهِبُ أَحَدُكُم نُهبَةً ذَاتَ شَرَفٍ) النُّهبَةُ والنُّهبَى: اسمٌ لما يُنتَهَبُ من المال، أي: يؤخذُ من غير قَسمة ولا تقدير، ومنه سُمِّيتِ الغنيمةُ