للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٣٠) باب]

[٢٢٨٣] عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: كَانَت بَنُو إِسرَائِيلَ يَغتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنظُرُ بَعضُهُم إِلَى سَوأَةِ بَعضٍ، وَكَانَ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَام يَغتَسِلُ وَحدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمنَعُ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَام أَن يَغتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ. قَالَ: فَذَهَبَ مَرَّةً يَغتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوبَهُ عَلَى حَجَرٍ،

ــ

(٣٠) ومن باب ذكر موسى ـ عليه السلام ـ

قوله: كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة، ينظر بعضهم إلى سوأة بعض إنما كانت بنو إسرائيل تفعل ذلك معاندة للشرع، ومخالفة لموسى ـ عليه السلام ـ، وهو من جملة عتوِّهم، وقلة مبالاتهم باتباع شرع موسى، ألا ترى أن موسى ـ عليه السلام ـ كان يستتر عند الغسل، فلو كانوا أهل توفيق وعقل اتبعوه، ثم لم يكفهم مخالفتهم له حتى آذوه بما نسبوا إليه من آفة الأُدرة، فأظهر الله تعالى براءته مما قالوا بطريق خارق للعادة، زيادة في أدلة صدق موسى ـ عليه السلام ـ ومبالغة في قيام الحجة عليهم.

وفي هذا الحديث ما يدلُّ على أن الله تعالى كمَّل أنبياءه خلقًا وخُلُقًا، ونزههم في أول خلقهم من المعايب، والنقائص المنفرة عن الاقتداء بهم المبعدة عنهم، ولذلك لم يسمع أنه كان في الأنبياء والرسل من خلقه الله تعالى أعمى، ولا أعور (١)، ولا أقطع، ولا أبرص، ولا أجذم، ولا غير ذلك من العيوب والآفات التي تكون نقصًا، ووصمًا يوجب لمن اتَّصف بها شينًا وذمًّا، ومن تصفَّح أخبارهم، وعلم أحوالهم علم ذلك على القطع. وقد ذكر القاضي رحمه الله في الشفاء من هذا جملة وافرة، ولا يعترض عليها بعمى يعقوب، وبابتلاء أيوب، فإنَّ ذلك كان طارئًا عليهم محبَّةً لهم، وليقتدي بهم من ابتلي ببلاء في حالهم


(١) في م (٣): ولا أعرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>