قوله من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية، يعني بالطاعة طاعة ولاة الأمر، وبالجماعة جماعة المسلمين على إمام أو أمر مجتُمِعُ عليه، وفيه دليل على وجوب نصب الإمام وتحريم مخالفة إجماع المسلمين، وأنَّه واجب الاتباع. ويُستَدلُ بظاهره من كَفَّر بخرق الإجماع مطلقا.
والحق التفصيل، فإن كان الإجماع مقطوعًا به فمخالفته وإنكاره كفر، وإن كان مظنونًا فإنكاره ومخالفته معصية وفسوق، ويعني بميتة الجاهلية أنهم كانوا فيها لا يبايعون إمامًا ولا يدخلون تحت طاعته، فمن كان من المسلمين لم يدخل تحت طاعة إمام فقد شابههم في ذلك، فإن مات على تلك الحالة مات على مثل حالهم مرتكبًا كبيرةً من الكبائر ويخاف عليه بسببها ألَاّ يموت على الإسلام.
وقوله ومن قاتل تحت راية عمّية رويته بكسر العين وتشديد الميم والياء، ويقال بضم العين، قال بعضهم: العَمِّية الضلالة. وقال أحمد بن حنبل: هو الأمر الأعمى كالعصبية لا يستبين ما وُجهُهُ. وقال إسحاق: هذا في تهارج القوم وقتل بعضهم بعضًا، كأنَّه من التعمية وهو التلبيس.
وقوله يغضب لعصبة أو ينصر عصبة، هكذا رواية الجمهور بالعين والصاد المهملتين من التَّعصُّب، وقد رواه العذري بالغين والضاد المعجمتين من