الغضب، والأوَّل أصحّ وأبيَن، ويَعضُدُهُ تأويلُ أحمد بن حنبل المتقدم. ولرواية العذري وَجهٌ، وهو: أنّه يريد به الغضب الذي يحمل عليه التعصب.
وقوله ومن خرج على أُمَّتي يضرب بَرَّها وفاجرها، البَرُّ: التقي، والفاجر: المُسيء.
وفيه دليل على أن ارتكاب المعاصي والفجور لا يخرج عن الأمة.
وقوله ولا ينحاش عن مؤمنها؛ أي يجانب ولا يميل، يُقال: انحاش إلى كذا؛ أي: انضم إليه ومال. وفي الرَّواية الأخرى ولا يتحاشى من المحاشاة بمعنى ما تقدَّم.
وقوله ولا يفي لذي عَهدٍ بعهده يعني به عَهد البيعة والولاية.
وقوله فليس مني ولستُ منه، هذا التَّبَرِّي ظاهره أنه ليس بِمُسلم، وهذا صحيحٌ إن كان معتقدًا لحِلِّيَّة ذلك، وإن كان معتقدًا لتحريمه فهو عاصٍ من العصاة مرتكب كبيرة فأمره إلى الله تعالى، ويكون معنى التَّبَرِّي على هذا أي ليست له ذمّة ولا حرمة، بل إن ظُفِر به قُتِل أو عُوقب بحسب حاله وجريمته، ويحتمل أن يكون معناه: ليس (١) على طريقتي ولست أرضى طريقته - كما تقدم أمثال هذا.
وهذا الذي ذكره في هذا الحديث هي أحوال المقاتلين على المُلك والأغراض الفاسدة والأهواء الركيكة وحمية الجاهلية، وقد أبعَدَ مَن قال إنهم الخوارج؛ فإنهم إنما حملهم على الخروج الغيرة للدِّين لا شيء من العصبية والملك، لكنهم أخطؤوا التأويل وحَرَّفوا التنزيل.