للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٢٢) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص وم

[١٠٢٦] عَن عَبدَ اللَّهِ بنَ عَمرِو بنِ العَاصِ، قال: بَلَغَ نَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَصُومُ أَسرُدُ، وَأُصَلِّي اللَّيلَ، فَإِمَّا أَرسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ فَقَالَ: أَلَم أُخبَر بك أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفطِرُ وَتُصَلِّي اللَّيلَ؟ فَلَا تَفعَل.

وَفِي رِوَايَةٍ: قال:

ــ

(٢٢) ومن باب: كراهية سرد الصوم

حديث عبد الله بن عمرو اشتهر وكثر رواته، فكثر اختلافه حتى ظن من لا بصيرة عنده: أنه مضطرب. وليس كذلك؛ فإنه إذا تتبع اختلافه، وضم بعضه إلى بعض انتظمت صورته، وتناسب مساقه؛ إذ ليس فيه اختلاف تناقض، ولا تهاتر، بل يرجع اختلافه إلى أن ذكر بعضهم ما سكت عنه غيره، وفصل بعض ما أجمله غيره. وسنشير إلى بعضه إن شاء الله تعالى.

وقوله: (ألم أُخبَر أنك تصوم ولا تفطر، وتصلي)؛ هذا إنما فعله عبد الله بعد أن التزمه بقوله: (لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت - كما جاء في الرواية الأخرى (١) - فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحكى بعض الرواة الفعل، وحكى بعضهم القول.

وقوله: (لا تفعل) نهي عن الاستمرار في فعل ما التزمه لأجل ما يؤدي إليه من المفسدة التي نبه عليها بقوله: (فإنك إذا فعلت ذلك هجمت عيناك)؛ قال المفسرون: أي: غارتا ودخلتا.

قلت: وتحقيقه: هجمت على الضرر دفعة واحدة. فإن الهجم هو: أخذ الشيء بسرعة بغتة. ويحتمل أن يكون معناه: هجمت العين عليه بغلبة النوم لكثرة السَّهر السابق، فينقطع عما التزم، فيدخل في ذمّ من ابتدع رهبانية ولم يرعها، وكما قال له: (يا عبد الله! لا تكن مثل فلان؛ كان يقوم الليل، فترك قيام الليل).


(١) رواه مسلم (١١٥٩) (١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>