قوله: وقد سأله أبو ذر عن أول مسجد وضع في الأرض: المسجد الحرام؛ وهو مسجد مكة. والمسجد الأقصى: هو مسجد بيت المقدس، وسمي بالأقصى؛ لبعده عن الحجاز، أو لبعده عن الأقذار والخبائث، فإنه مُقَدَّس، والمُقَدَّس: المُطَّهر، ومنه: القَدس: السَّطل الذي يستقى به الماء.
وقوله: أربعون عامًا - وقد سُئل عن مدة ما بينهما - فيه إشكال؛ وذلك أن مسجد مكة بناه إبراهيم بنصّ القرآن؛ إذ قال:{وَإِذ يَرفَعُ إِبرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيتِ وَإِسمَاعِيلُ} الآية. والمسجد الأقصى بناه سليمان - عليه السلام - كما خرَّجه النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالا ثلاثة: سأل الله تعالى حكمًا يصادف حكمه فأوتيه، وسأل الله تعالى ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله تعالى حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد لا يَنهَزُه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه (١). وبين إبراهيم وسليمان آماد طويلة؛