[(١٠) باب سبق فقراء المهاجرين إلى الجنة، ومن الفقير السابق]
[٢٧١١] عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: سَمِعتُ عَبدَ اللَّهِ بنَ
ــ
هذا الباب وغيرها، ألا ترى أنه يطوي الأيام، ولا يشبع يومين متواليين، ويشد على بطنه الحجر من الجوع والحجرين، ولم يكن له سوى ثوب واحد، فإذا غسله انتظره إلى أن يجف، وربما خرج وفيه بقع الماء، ومات ودرعه مرهونة في شعير لأهله، ولم يخلف دينارا ولا درهما، ولا شاة، ولا بعيرا، ولا حالة في الفقر أشد من هذه، وعلى هذا فلم يكن حاله الكفاف، بل: الفقر. فلم يجبه الله تعالى في الكفاف؛ لعلمه بأن الفقر أفضل له؛ لأنَّا نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع له حال الفقر والغنى والكفاف، فكانت أول أحواله الفقر؛ مبالغة في مجاهدة النفس وخطامها عن مألوفات عاداتها، فلما حصلت له ملكة ملكها وتخلص له خلاصة سبكها، خيره الله تعالى في أن يجعل له جبال تهامة ذهبا تسير معه حيث سار، فلم يلتفت إليها، وجاءته فتوحات الدنيا فلم يعرج عليها، بل صرفها وانصرف عنها، حتى قال: ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود فيكم (١). وهذه حالة الغني الشاكر، ثم اقتصر من ذلك كله على قدر ما يرد ضروراته وضرورات عياله، ويرد حاجتهم، فاقتنى أرضه بخيبر، وكان يأخذ منها قوت عياله ويدخره لهم سنة، فاندفع عنه الفقر المدقع، وحصل الكفاف الذي دعا به، ثم إنه لما احتضر وقف تلك الأرض على أهله ليدوم لهم ذلك الكفاف الذي ارتضاه لنفسه، ولتظهر إجابة دعوته حتى في أهله من بعده، وعلى ذلك المنهج نهج الخلفاء الراشدون على ما تدل عليه سيرهم وأخبارهم. وعلى هذا فأهل الكفاف هم صدر