(قوله: آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنصَارِ) الحديث، الآيةُ: العَلَامَةُ والدَّلَالة، وقد تكون ظَنِّيَّة، وقد تكون قطعيَّة. وحُبُّ الأَنصَارِ من حيث كانوا أنصارَ الدِّينِ ومُظهِريهِ، وباذلين أموالَهُم وأَنفُسَهُم في إعزازِهِ وإعزازِ نبيِّه وإعلاءِ كلمته دلالةٌ قاطعةٌ على صِحَّةِ إيمانِ مَن كان كذلك، وصحَّةِ محبَّته للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وبُغضُهم كذلك دلالةٌ قاطعةٌ على النفاق.
وكذلك القولُ في حُبِّ عليٍّ وبغضه؛ فمَن أحبَّه لسابقته في الإسلام، وقِدَمِهِ في الإيمان، وغَنَائِهِ فيه، وذوده عنه وعن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولمكانته من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقرابتِهِ ومصاهرته، وعلمِهِ وفضائله، كان ذلك منه دليلاً قاطعًا على صِحَّةِ إيمانه ويقينِهِ ومحبتِهِ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومَن أبغضَهُ لشيء من ذلك، كان على العكس.
قال المؤلف - رحمه الله -: وهذا المعنَى جارٍ في أعيان الصحابة كالخلفاء، والعَشَرة، والمهاجرين، بل وفي كُلِّ الصحابة؛ إذ كُلُّ واحدٍ منهم له شاهد وغَنَاءٌ في الدِّين، وأَثَرٌ حَسَنٌ فيه؛ فحبُّهم لذلك المعنى محضُ الإيمان، وبُغضُهُم له محضُ النفاق، وقد دَلَّ على صحَّة ما ذكرناه: قوله - عليه الصلاة والسلام - فيما أخرجه