للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦٠] وعَنِ البَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي الأَنصَارِ: لَا يُحِبُّهُم إِلَاّ مُؤمِنٌ، وَلَا يُبغِضُهُم إِلَاّ مُنَافِقٌ؛

ــ

البَزَّار في أصحابه كلِّهم: فَمَن أحبَّهم فبحبِّي أحبَّهم، ومَن أبغضَهُم فببغضي أبغَضَهُم (١). لكنَّهم لما كانوا في سوابقهم ومراتبهم متفاوتين، فمنهم المتمكِّن الأمكن، والتالي والمقدَّم، خَصَّ الأمكَنَ منهم بالذكر في هذا الحديث، وإن كان كلٌّ منهم له في السوابق أشرَفُ حديث، وهذا كما قال العليُّ الأعلى: لَا يَستَوِي مِنكُم مَن أَنفَقَ مِن قَبلِ الفَتحِ وَقَاتَلَ، إلى قوله: وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الحُسنَى.

تنبيه: مَن أبغض بعضَ مَن ذَكَرنا من الصحابة من غير تلك الجهات التي ذكرناها، بل لأمرٍ طارئ، وحدَثٍ واقعٍ؛ من مخالفةِ غَرَضٍ، أو ضررٍ حصل، أو نحو ذلك: لم يكن كافرًا، ولا منافِقًا بسبب ذلك؛ لأنهم - رضي الله عن جميعهم - قد وقعت بينهم مخالفاتٌ عظيمة، وحروبٌ (٢) هائلة، ومع ذلك فلم يكفِّر بعضُهُم بعضًا، ولا حُكِمَ عليه بالنفاقِ لِمَا جرى بينهم من ذلك، وإنما كان حالُهُم في ذلك حالَ المجتهدين في الأحكام؛ فإمَّا أن يكونَ كلُّهم مصيبًا فيما ظهَرَ له. أو المصيبُ واحدٌ، والمخطئُ معذور، بل مخاطبٌ بالعملِ على ما يراه ويظنُّه مأجور.

فمَن وقع له بُغضٌ في واحد منهم لشيءٍ من ذلك، فهو عاصٍ يجبُ عليه التوبةُ من ذلك، ومجاهدةُ نفسه في زوال ما وقَعَ له من ذلك، بأن يذكر فضائلَهُم وسوابقَهُم، وما لهم على كلِّ مَن بعدَهم مِنَ الحقوقِ الدينيَّةِ والدنيوية؛ إذ لم يصل أحدٌ ممن بعدهم بشيءٍ من الدنيا ولا الدِّينِ إلا بهم، وبسببهم وأدبهم وصلَت


(١) الذي وجدنا في كشف الأستار (٦٥) حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحبَّني أحب الأنصار، ومن أبغضني فقد أبغض الأنصار، لا يحبهم منافق، ولا يبغضهم مؤمن. من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله".
(٢) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>