للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: عَلَى رَغمِ أَنفِ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: فَخَرَجَ أبو ذَرٍّ وهو يَقُولُ: وَإِن رَغِمَ أَنفُ أَبِي ذَرٍّ.

رواه أحمد (٥/ ٦١)، والبخاري (٢٣٨٨)، ومسلم (٩٤)، وأبو داود (٢٦٤٦).

* * *

ــ

بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لم ينفعهُ إيمانُهُ بالله تعالى، ولا توحيدُهُ، وكان من الكافرين بالإجماعِ القطعيِّ.

و(قوله: عَلَى رَغمِ أَنفِ أَبِي ذَرٍّ) رويناه بفتح الراء، وهي إحدى لغاته؛ فإنَّه يقال بفتحها وضَمِّها وكسرها، وهو مصدرُ رَغِمَ، بفتح الغين وكسرها، وهو مأخوذٌ من الرَّغَامِ، وهو التراب، يقال: أرغَمَ اللهُ أنفه، أي: أَلصَقَهُ بالتراب، ورَغِمَ أنفي لله، أي: خضَعَ وذَلَّ؛ فكأنَّه لَصِقَ بالتراب.

والمراغمةُ: المغاضبة، والمُرَاغَمُ: المذهَبُ والمَهرَب، ومنه: يَجِد فِي الأَرضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً. وإنما واجَهَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أبا ذَرٍّ بهذه الكلماتِ؛ لِمَا فهم عنه من استبعادِهِ دخولَ مَن زنى ومن سرق الجَنَّةَ، وكان وقَعَ له هذا الاستبعادُ بسببِ ظاهرِ قَولِه - صلى الله عليه وسلم -: لَا يَزنِي الزَّانِي حِينَ يَزنِي وهو مُؤمِنٌ (١). . الحديثَ، ومما هو في معناه، فردَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الوَهمَ وأنكره، وكان هذا الحديثُ نَصًّا (٢) في الرَّدِّ على المُكَفِّرَةِ بالكبائر؛ كما تقدَّم. وخروجُ أبي ذَرٍّ قائلاً: وَإِن رَغِمَ أَنفُ أَبِي ذَرٍّ، رجوعٌ منه عمَّا كان وقَعَ له من ذلك، وانقيادٌ للحقِّ لمَّا تبيَّن له.

* * *


(١) رواه أحمد (٢/ ٣١٧)، والبخاري (٢٤٧٥)، ومسلم (٥٧)، وأبو داود (٤٦٨٩)، والترمذي (٢٦٢٧)، والنسائي (٨/ ٦٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>