للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شيء من ذلك، وحينئذ يحتج به من يرى: أن التفريق بين الإقامة والصلاة لا يقطع الإقامة وإن طال؛ إذا كان لعذر؛ كما قد ثبت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ناجى رجلا بعد أن أقيمت الصلاة، حتى نام مَن في المسجد، وبنى على تلك الإقامة (١). وليس هذا مذهب مالك، بل مذهبه: أن التفريق إن كان لغير عذرٍ قطع الإقامة، وابتدأها، طويلا كان التفريق أو سريعًا، كما قال في المدونة في المصلي (٢) بثوب نجس: يقطع الصلاة، ويستأنف الإقامة، وكذلك قال في القهقهة. وإن كان لعذرٍ: فإن طال قطع واستأنف، وإن لم يطل لم يقطع، وبنى عليها.

فصل: وقد روى أبو داود هذا الحديث من رواية أبي بكرة: أنه دخل في صلاة الفجر، فأومأ بيده: أن مكانكم، ثم خرج ورأسه يقطر، فصلى بهم. وفي رواية أخرى قال في أوله: فكبر، وقال في آخره: فلما قضى الصلاة قال: إنما أنا بشر، وإني كنت جنبًا (٣). ورواه مالك في الموطأ مرسلا عن عطاء بن يسار، وقال: إنه كبر. وقد أشكل هذا الحديث على هذه الرواية على كثير من العلماء، ولذلك سلكوا فيه مسالك: فمنهم من ذهب إلى ترجيح الرواية الأولى، ورأى أنها أصح وأشهر، ولم يعرِّج على هذه الرواية. ومنهم من رأى: أن كليهما صحيح، وأنه لا تعارض بينهما؛ إذ يحتمل أنهما نازلتان في وقتين، فيقتبس من كل واحدة منهما ما تضمنته من الأحكام. فمما يقتبس من رواية أبي داود ومالك (٤): أن الإمام إذا طرأ له (٥) ما يمنعه عن التمادي، استخلف بالإشارة لا بالكلام، وهو أحد


(١) رواه البخاري (٦٤٢)، ومسلم (٣٧٦) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) في (م): الصلاة.
(٣) رواه أبو داود (٢٣٣ و ٢٣٤).
(٤) رواه مالك في الموطأ (١/ ٤٨).
(٥) من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>