للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَكدَحُونَ فِيهِ أَشَيءٌ قُضِيَ عَلَيهِم وَمَضَى فِيهِم مِن قَدَرٍ قَد سَبَقَ، أَو فِيمَا يُستَقبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُم بِهِ نَبِيُّهُم، وَثَبَتَت الحُجَّةُ عَلَيهِم؛ فَقَالَ: لَا بَل شَيءٌ قُضِيَ عَلَيهِم، وَمَضَى فِيهِم وَتَصدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا}

رواه مسلم (٢٦٥٠).

* * *

ــ

وأفردها لأن مراده النوع، وهذا نحو قوله: {عَلِمَت نَفسٌ مَا قَدَّمَت وَأَخَّرَت} أي: كل نفس. كما قال: {كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت رَهِينَةٌ}. ألا ترى قوله: {فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا} أي: حملها على ما أراد من ذلك، فمنها ما خُلق للخير، وأعانها عليه ويسره لها، ومنها ما خلق للشر ويسره لها، وهذا هو الموافق للحديث المتقدِّم، المصدق بالآية.

و(قوله: {وَمَا سَوَّاهَا} أي: والذي سواها، وقد قدمنا أن (ما) في أصلها لما لا يعقل، وقد تجيء بمعنى الذي، وهي تقع لمن يعقل ولما لا يعقل (١). والتسوية: التعديل. يعني أنه خلقها مكملة بكل ما تحتاج إليه، مؤهلة لقبول الخير والشر، غير أنه يجري عليها في حال وجودها وما لها ما سبق لها مما قضي به عليها. وفي حديث عمران هذا من الفقه جواز اختبار العالم عقول أصحابه الفضلاء بمشكلات المسائل، والثناء عليهم إذا أصابوا، وبيان العذر عن ذلك. والذي قضي عليها أنها إما من أهل السعادة وبعمل أهل السعادة الذي به تدخل الجنة تعمل، وإما من أهل الشقاوة، وبعمل أهل الشقاوة الذي به تدخل النار تعمل. كما قال تعالى (٢): هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، وهؤلاء للنار،


(١) ما بين حاصرتين سقط من (م ٤).
(٢) في حديث قدسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>