للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا هُوَ لَيسَ فِي بَيتِهِ، فَلَمَّا رَأَتهُ المَرأَةُ قَالَت: مَرحَبًا وَأَهلًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَينَ فُلَانٌ؟ قَالَت: ذَهَبَ يَستَعذِبُ لَنَا مِن المَاءِ، إِذ جَاءَ الأَنصَارِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيهِ ثُمَّ قَالَ: الحَمدُ لِلَّهِ، مَا أَحَدٌ اليَومَ أَكرَمَ أَضيَافًا مِنِّي. قَالَ: فَانطَلَقَ فَجَاءَهُم بِعِذقٍ فِيهِ بُسرٌ وَتَمرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِن هَذِهِ. وَأَخَذَ المُديَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِيَّاكَ

ــ

رسمناه في الترجمة، وهذا الرجل الأنصاري هو: أبو الهيثم بن التَّيهان على ما جاء مفسَّرًا في رواية أخرى. واسمه: مالك بن التَّيهان. قاله أبو عمر (١).

و(قولها: يستعذب لنا ماء) أي: يطلب الماء العذب. وفيه دليلٌ على جواز الميل للمستطابات طبعًا من الماء وغيره.

و(قول الرجل: الحمد لله، ما أحدٌ اليوم أكرم أضيافًا منِّي) قولٌ صدق، ومقالٌ حق؛ إذ لم تقل الأرض، ولا أظلَّت السَّماء في ذلك الوقت أفضل من أضيافه؛ فإنَّهم: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخليفتاه: أبو بكر، وعمر. ولما تحقق الرجل عظيم هذه النعمة قابلها بغاية مقدور الشكر، فقال: الحمد لله!

و(العِذق) - بكسر العين -: الكباسة، وهي: العرجون. و (العذق) - بفتح العين -: النخلة. وإنما قدَّم لهم هذا العرجون؛ لأنَّه الذي تيسَّر له بغير كلفة، لا سيما مع تحققه حاجتهم، ولأن فيه ألوانًا من التمر، والبسر، والرطب، ولأن الابتداء بما يتفكه به من الحلاوة أولى من حيث إنه أقوى للمعدة؛ لأنَّه أسرع هضمًا.

و(المدية): السكين. و (الحلوب) - بفتح الحاء -: الشاة التي تحلب لبنًا كثيرًا. وإنَّما نهاه عنها؛ لأنَّ ذبحها تضييعٌ للبنها، مع أن غير ذات اللبن تتنزل منزلتها عند الضيف، ويحصل بها المقصود.


(١) من (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>