للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالحَلُوبَ. فَذَبَحَ لَهُم فَأَكَلُوا مِن الشَّاةِ، وَمِن ذَلِكَ العِذقِ، وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَن شَبِعُوا وَرَوُوا؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكرٍ، وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَتُسأَلُنَّ عَن هَذَا النَّعِيمِ يَومَ القِيَامَةِ، أَخرَجَكُم مِن بُيُوتِكُم الجُوعُ، ثُمَّ لَم تَرجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُم هَذَا النَّعِيمُ.

رواه مسلم (٢٠٣٨)، والترمذي (٢٣٧٠).

* * *

ــ

و(قوله: فأكلوا من تلك الشاة، ومن ذلك العذق) دليلٌ على جواز جمع طعامين فأكثر على مائدة.

و(قوله: حتى شبعوا، ورووا) دليل على جواز الشبع من الحلال. وما جاء مما يدلُّ على كراهة الشبع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن السلف: إنما ذلك في الشبع المثقل للمعدة، المبطئ بصاحبه عن الصلوات، والأذكار، المضرُّ للإنسان بالتخم، وغيرها؛ الذي يفضي بصاحبه إلى البطر، والأشر، والنوم، والكسل. فهذا هو المكروه. وقد يلحق بالمُحرَّم إذا كثرت آفاته، وعمَّت بليَّاته.

والقسطاس المستقيم ما قاله مَن عليه الصلاة والتسليم: (ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه؛ فإنَّ كان ولا بدَّ: فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) (١).

و(قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لتُسألُنَّ عن نعيم هذا اليوم) أي: سؤال عرض لا سؤال مناقشة، وسؤال إظهار التفضل والمنن، لا سؤالا يقتضي المعاتبة، والمحن.

و(النعيم): كل ما يتنعم به؛ أي: يستطاب، ويتلذذ به. وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا استخراجًا للشكر على النعم، وتعظيمًا (٢) لذلك. والله تعالى أعلم.


(١) رواه أحمد (٤/ ١٣٢)، والترمذي (٢٣٨٠).
(٢) في (ج ٢): تعليمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>