للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِعَائِشَةَ. فَقَالَ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: لَا. فَعَادَ يَدعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: وَهَذِهِ؟ فقَالَ: لَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: لَا. ثُمَّ عَادَ يَدعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: وَهَذِهِ؟ قَالَ: نَعَم - فِي الثَّالِثَةِ -. فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنزِلَهُ.

رواه أحمد (٣/ ١٢٣)، ومسلم (٢٠٣٧)، والنسائيُّ (٦/ ١٥٨).

* * *

ــ

تطييب الأطعمة، والاعتناء بها، ولا خلاف في جواز ذلك بين الأئمة، وامتناع الفارسي من الإذن لعائشة - رضي الله عنها -: أولى ما قيل فيه: إنه إنَّما كان صنع من الطعام ما يكفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده؛ للذي رأى عليه من الجوع، فكأنه رأى: أن مشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك يجحف بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. وامتناع النبي - صلى الله عليه وسلم - من إجابة الفارسي عند امتناعه من إذن عائشة: إنما كان - والله أعلم - لأن عائشة كان بها من الجوع مثل الذي كان بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستأثر عليها بالأكل دونها، وهذا تقتضيه مكارم الأخلاق، وخصوصًا مع أهل بيت الرجل، ولذلك قال بعض الشعراء (١):

. . . . . . . . . . . . ... وشِبَعُ الفتى لؤمٌ إذا جاع صاحبه (٢)

وقد نبَّه مالك - رحمه الله - على هذا المعنى حين سُئل عن الرجل يدعو الرجل يكرمه، قال: إذا أراد فليبعث بذلك إليه يأكله مع أهله.

وفي هذين الحديثين أبواب من الفقه من تتبعها ظفر بها.


(١) القائل هو: بشر بن المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة.
(٢) هذا عجز البيت، وصدره: وكلُّهُمْ قد نال شِبْعًا لِبَطْنِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>