المتقدمة الذكر. ويأجوج ومأجوج خلق كفار وراء سد ذي القرنين. والمراد بهم في هذا (١) الحديث: هم ومن كان على كفرهم، كما أن المراد بقوله: منكم أصحابه ومن كان على إيمانهم؛ لأن مقصود هذا الحديث: الإخبار بقلة أهل الجنة من هذه الأمة بالنسبة إلى كثرة أهل النار من غيرها من الأمم، ألا ترى أن قوله - عليه الصلاة والسلام -: إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرّقمة في ذراع الحمار؛ يدل على ذلك المقصود؟ .
وأما نسبة هذه الأمّة إلى من يدخل الجنة من الأمم، فهذه الأمة شطر أهل الجنة كما نص عليه. والشطر: النصف، ومنه يقال: شاطرتُه مُشاطَرَةً، إذا قاسمتُه فأخذتُ نصفَ ما في يديه. والرقمتان للفرس أو الحمار الأثرانِ بباطن أعضادهما، والرقمتانِ للشاة هَيئتَان في قوائمها متقابلتانِ كالظفرين. ولبّيك معناه: إجابةً لك بعد إجابة، وسَعدَيك: مساعدة بعد مساعدة، وكلاهما منصوبٌ على المصدر، ولم تستعمل العرب له فعلاً من لفظه يكون مصدره.
و(قوله: والخير في يديك) أي: تملكه أنت لا يملكه غيرك، وهذا كقوله تعالى: بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، أي: بيدك الخير والشرّ، ولكن سكت عن نسبة الشرّ إليه تعالى؛ مراعاة لأدب الحضرة، ولم ينسب الله لنفسه الشر؛ تعليمًا لنا مراعاة الأدب واكتفى بقوله: إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ؛ إذ قد استغرق كلّ الموجودات الممكنات.