رواه أحمد (٢/ ٢٣٨)، والبخاري (٤٨٢٦)، ومسلم (٢٢٤٦)(٣)، وأبو داود (٥٢٧٤).
ــ
تلك الأفعال أو شيئًا منها للدَّهر حقيقة، واعتقد ذلك. وأما من جرت هذه الألفاظ على لسانه ولا يعتقد صحة تلك: فليس بكافر، ولكنه قد تشبَّه بأهل الكفر وبالجاهلية في الإطلاق، وقد ارتكب ما نهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه. فَليتُب، وليستغفر الله تعالى. والدَّهر، والزمان، والأبد: كلها بمعنى واحد، وهو راجع إلى حركات الفلك، وهي الليل والنهار.
و(قوله: لا يقولن أحدكم: يا خيبة الدَّهر) ليس هذا النَّهي مقصورًا على هذا اللفظ، بل يلحق به كل ما في معناه من قولهم: خَرُفَ الفلكُ، وانعكس الدَّهر، وتَعِسَ، وما في معنى ذلك.
و(قوله: فإني أنا الدَّهر) الرواية الصحيحة المشهورة فيه برفع الدَّهر؛ على أنه خبر (إن) إن جعلنا (أنا) فصلًا. وإن جعلناها مبتدأ؛ فهو خبره. وقد قيدها بعض الناس (الدَّهر) بالنصب؛ على أن تكون ظرفًا يعمل فيه (أُقَلِّبُ) فكأنه قال: أنا طولَ الدَّهر أُقلِّب الليل والنهار، ويكون (أُقلِّب) هو الخبر، والذي حمله على ذلك خوف أن يقال: إن الدَّهر من أسماء الله تعالى، وهذا عدول عمَّا صحَّ إلى ما لم يصح مخافة ما لا يصح، فإنَّ الرواية الصحيحة عند أهل التحقيق بالضم، ولم يرو الفتح من يُعتمد عليه، ولا يلزم من ثبوت الضم أن يكون الدَّهر من أسماء الله تعالى؛ لأن أسماء الله تعالى لا بدَّ فيها من التوقيف عليها، أو استعمالها استعمال الأسماء من الكثرة والتكرار، فيخبر به، وينادى به، كما اتَّفق في سائر أسماء الله تعالى كالغفور، والشكور، والعليم، والحليم، وغير ذلك من أسمائه، فإنك تجدها في