للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بقوله: (لا سمراء) رفعًا للحرج في تكلُّف (١)؛ لقلتها عندهم. وعلى هذا: فلم تخرج المصراة عن قانون الالتفات للمصالح، لكنَّها مصالح مخصوصة لا يلحق بها غيرها لعدم نظائرها، ولو سلَّمنا أنها معارضة لأقيسة تلك القواعد من كل وجه، لكن لا نسلم: أن القياس مقدَّم على خبر الواحد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّم السُّنة على القياس في حديث معاذ ـ رضي الله عنه ـ حيث قال له: (بم تحكم؟ ) قال: بكتاب الله. قال: (فإن لم تجد؟ ) قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: (فإن لم تجد؟ ) قال: أجتهد رأيي (٢). والسَّنة: تعم التواتر، والآحاد. ولكثرة الاحتمالات في القياسات، وقلتها في خبر الواحد. وقد أوضحنا هذا في الأصول. وهذا هو الصحيح من مذهب مالك وغيره من المحققين.

وفي حديث المصراة أبواب من الفقه نشير إليها:

فمنها: أن العقد المنهي عنه، المحرّم إذا كان لأجل الآدمي لم يدلّ على الفساد، ولا يفسخ العقد. ألا ترى: أن التصرية غش محرَّم. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفسخ العقد، لكن جعل للمشتري الخيار.

ومنها: أن الغرور بالفعل معتبر شرعا؛ لأنه صار كالتصريح باشتراط نفي العيب. ولا يختلف في الغرور الفعلي. وإنما اختلف في الغرور بالقول، هل هو معتبر أو لا؟ فيه قولان:

فرع: لو كان الضرع كثير اللحم، فظنه المشتري لبنًا، لم يجب له الخيار؛ إذ لا غرور، ولا تدليس، لا بالفعل، ولا بالقول.

ومنها: جواز خيار الشرط. وهذا لا يختلف فيه. وإنما اختلف في مقداره.


(١) في (ل ١): تكليف.
(٢) رواه أبو داود (٣٥٩٢)، والترمذي (١٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>